الغثيان
قصة
البطن.. ستنفجر.. أوف.. أسرع نحو الحافلة يا ملعون: قبل أن تسقط هنا. أعبر الشارع! واتجه نحو محطة الحافلة!
انتظر هذه الحافلة الملعونة وسط هذا الحشد من الناس الذين ينتظرون هم أيضا.. مرت لحظة. ربما كانت قصيرة إلا أن الدقائق تتمطط عن عمد.. ومع ذلك لم تأت. لا زال الانتفاخ يشد ببطنك.
آلام وغرغرات..
قال حميد:
-كيف أنت الآن؟
-شوية.
-هل زرت طبيبا؟
-نعم. قال لي قد يكون المرض بسيطا. ولكنه يصبح كبيرا وخطيرا. لأنك لست خارج المستنقع.
-إذن؛ لماذا تتعب نفسك بالتفكير. والكد الذي لن يدر عليك إلا تفاقما في المعاد ؟
-وماذا يجب أن أفعل؟
-سلك!
-شيء تجاوزته، هذا الذي تقول..
وقفت الحافلة. نزلنا أنا وحميد وأناس آخرون في حينا. وكالعادة: الظلام والمياه الكريهة الرائحة والحمأ في الدروب والمسارب. وكلنا يمشي حذرا من أن تزل قدمه. تفرق الناس. بعض الدكاكين مفتوحة. مضاءة بقارورات الغاز. كنت أحس بآلام في رأسي بعد أن خفت حدتها في بطني.
* * * * *
ها هو المعاد يعاود صب جام غضبه عليك. فيما تواصل الدقائق تمططها قبل أن تأتي الحافلة. يدنو موعد الانهيار، وسط هذا الحشد. فلتكن صامدا. ولتقلص الدقائق.
* * *
قال حميد :
- هل تحس أنك مزيان؟
- شوية.
- سلك!
أردت أن أصرخ في وجهه. لكني لم أستطع. وقلت به بهدوء:
- قلت لك لابد من التفكير في هذا المستنقع. وهذه الكلمة: "سلك" أصبحت أكرهها. وقبل أن نفترق في رأس الدرب سألني:
- كيف كانت الحركة عندكم هذا اليوم؟
قلت:
- تدخلت العصا. فتفرق الكل.
- نفس الشيء العصا عندنا. تبا لهم.. .الحاصل.. مع السلامة..
* * * * *
أخيرا تصل علبة السردين المهترئة. هكذا هي دائما مزدحمة بالركاب. تبعث على الغثيان. تصعد إلى الحافلة. ويبدأ السائل الحامض صعوده داخل بلعومك. تقاومه صامدا. ويواصل الصراع تفاقمه داخل بطنك ليصل حده. لم تعد تطيق صبرا. والحامض هذه المرة عزم على الصعود دون النزول. الحافلة لا زالت لم تصل. تتمطط الدقائق. وأخيرا افرغ قياءك على الشركة ذات البطن الكبير..
- .. اووع..!
- يخ..خ..خ..!
- مريض!
- خذ المنديل.. امسح!
- أصابه الدوار!
- ليس الدوار.. ألا ترى اصفرار وجهه!
زمجر الجابي:
- ما هذا؟ .. ألم تركب قط حافلة؟ قلت :
- ليس الدوار.. لست مريضا.. ثمة شيء آخر هو المريض.