محمد شهيد
الفنان والإنسان*
بمناسبة صدور ديوانه الشعري "أركيولوجي"
ما أكثر الفنانين والمثقفين الذين يقتفون أثر السلطة، ويسيرون في دروبها، ويتمسحون بأعتابها، والسلطة أوسع وأشمل مما يتبادر إلى ذهننا لأول وهلة، إنها كل ما يمارس الوصاية على الإنسان ويسلب إرادته، من طُغم وقوى نافذة متحكمة، وعلاقات سائدة موجِّهة للشأن العام وحياة المجتمع، وهي بنى فكرية وثقافية، ووجاهات وموجهات رمزية.
محمد شهيد الفنان التشكيلي والشاعر ليس من ذلك النوع الذي تغويه سلطة ولا هو من ذلك الصنف من البشر الذين يعرفون "من أين تؤكل الكتف"، قد ظل دائما زاهدا في البريق والقمم الموهومة والأضواء والمنصات وردهات المتنفذين.
محمد شهيد مثقف نظيف يحتفظ بمسافة الأمان من عدوى الهرولة، إنه فنان هادئ وشمعة تحترق في صمت كي تنير حلكة الدرب.
محمد شهيد علامة بارزة من أبناء تازة البررة، ويحق لنا بتازة وبالمغرب قاطبة أن نفخر به.
محمد شهيد فنان تشكيلي وشاعر، صاحب منزع فلسفي، وفي نصوصه اختيار قائم على الاستشكال الاستعاري ، يسلك طريق الشعراء الفلاسفة، وهم قلة في تاريخ الشعر، فبينما انشغل الشعراء منذ القديم بموضوعات الأغراض التقليدية التي تمس الحياة والعاطفة الإنسانية والعلاقة بالسلطة السياسية، أو تتمحور حول الوجدان أو تنزع نحو الذات الشاعرة كما في الشعر الحديث، تفرد الشعراء الفلاسفة وكذا الشعراء النورانيين بمنحى شعري أكثر تعقيدا وإيغالا في الاستشكال والتأمل والكشف، ولم يخل الشعر العربي عامة من المقولات والحكم، تشرق بين ثنايا التعابير المجازية من حين لآخر عند المتنبي أو البحتري وأبي تمام وأبي نواس وعند مختلف شعراء العربية في كل العصور، لكن الفرادة لدى فئتي الشعراء الفلاسفة وشعراء الصوفية تكمن في كونهم أقدر في الشعر على استفزاز المسلّمات وإزعاج وتنغيص وُثوقية السلطة بكل ألوانها الاجتماعية والثقافية والسياسية والدينية... وهذا ديدن ابن باجة وجبران وإليوت والمعري وابن عربي والحلاج وجلال الدين الرومي وشمس التبريزي...
وبين هؤلاء في الفئتين المذكورتين خط فاصل في الطريق إلى الحقيقة، تحده التخوم الواضحة بين النظر العقلي والمعرفة النورانية القائمة على الاستبصار ويقولون إن محله القلب لا العقل، فالبون شاسع بين الشعراء الفلاسفة الذين يستنفرون العقل ويمنحونه سطلة التفكير والتساؤل والشك، وشعراء الصوفية وهم يعبرون عن الزهد في الدنيا ويصورون مسالك القلب نحو الله، من رؤيا وذكر وتعبد وخلوة وسكينة...
محمد شهيد في كتابه "أركيولوجي" يعمد إلى اقتراف فعل الكتابة معززا بصور الفلاسفة والشعراء المتنورين ومقولاتهم، ويختار التعبير بالشذرات التي يصوغ من خلالها استشكالاته ومقولاته المصطبغة بالمجاز والسخرية والتساؤل. والشذرة صيغة للتعبير عن انشطار الذات وتشظي العالم وتمزق الفرد وتكلس العقل في المجتمع المفوت القابع في التأخر التاريخي، إنها طلقة مكثفة خاطفة ذات حمولة ثقيلة وازنة.
يتناول محمد شهيد في شذراته مجموعة من المفاهيم الفلسفية كالعقل والوجود والإرادة والحرية... أسلوبه في ذلك استحضار مجموعة من الفلاسفة والمتصوفة والشعراء مثل نيتشه وسارتر والفارابي والحلاج... ومحاورة آخرين مثل أبي العلاء المعري وأدونيس ونزار قباني وطه حسين...
يقول في قصيدته "البقاء للجميل" محاورا أبا العلاء المعري "
المعري
كم ضقت ذرعا
بالتخاريف
والتكاليف
والدجل السخيف
ودناسة الوصايا
سودت ليلنا الطويل.
فيا يقيني مرنني
على وثوقي النبيل
بالبقاء للجميل.
ص 56
تتمحور مقولات محمد شهيد حول تعطيل العقل عند الإنسان العربي، فالعقل الخامل يستديم التأخر، ولا شيء يسمح بالتغيير غير منح العقل سلطته الكاملة الكفيلة بهدم الأوثان وهي المسلمات الرثة والمعتقدات المتجاوزة.
الحرية منشد الإنسان نحو غد أفضل، وهي قيمة وجودية مطلقة،
يقول في قصيدة مهداة إلى طه حسين، بعنوان تعاليم بائدة
بدون جدوى ولا فائدة
وبعد عمر مثقل بالقهر والهزائم
عثرت بالصدفة على عقد
من اللؤلؤ وكومة تقاليد،
وأعراف منحولة في كيس بالية
وقليل من التعاويذ المنحلة
والطلاسم المسرفة في التعاليم البائدة!!.
محمد شهيد يسخّر فنه التشكيلي وشعره للتعبير عن رؤيته الجمالية المرتبطة بالأرض والواقع الملموس وبحياة الإنسان في علاقة بتعقيدات وهموم العالم.
وفضلا عن هذا وذاك، محمد شهيد إنسان يتمثل قيم الجمال في شخصيته العصامية التي تتميز بتكوين عميق تشربه من الواقع أولا ثم من القراءة والاطلاع، وقد خاض كفاحا مريرا في ذلك، كما يتفرد بحس فني ثاقب وهدوء الكبار، يطرح بكل شجاعة نظراته ومواقفه الفلسفية من دون تعصب ولا استعلاء.
محمد شهيد إنسان في غاية الروعة، فنان بأعماله وشخصيته الراقية.
------------------------------
* قدمتُ هذه الشهادة ضمن فعاليات تكريم محمد شهيد بتازة يوم 14 يونيو 2023، ونظمته دار عبودة برنت لصاحبها الدكتور عبد الحق عبودة.
-----------------------------
محمد شهيد
من مواليد 2953 بدبدو
عضو نقابة التشكيليين المغاربة
مؤسسة جمعية العبور للفنون الجميلة بتازة
الناطق الرسمي لشبكة تازة التنموية
رئيس جمعية أجيال فريواطو للفنون التشكيلية تازة.
معارض فردية.
2969 ثانوية سوق أربعاء الغرب
1222-2978 ستة عشر معرضا بتازة
2991 رواق أحمد الشرقاوي – الرباط
2993 مركز التوثيق المغاربي – القنيطرة
2995 مكتبة كليلة ودمنة – الرباط
2998 جداريات بالسجن المدني – فاس
1223 قاعة روشي بالمير، سونون، بوردو، فرنسا.
معارض جماعية
2984 مقهى المسرح البلدي – الدار البيضاء
2989 بلدية وهران – الجزائر
2989 المركز الثقافي الفرنسي – الرباط
2996 بهو محمد الفاسي – الرباط
2999 جمعية البحث للفنون التشكيلية – مكناس
222-2978 خمسة عشر معرضا بتازة
1223 ليلة الأروقة، تازة
مهرجانات
مشاركات بالتشكيل والشعر
2995 جائزة أحسن ملصق في الملتقى الوطني الأول
للشعر والأغنية بتازة
1222 ملتقى الصداقة الوطني الأول للإبداع الشعري
بمكناس
1222 الملتقى الوطني الرابع للشعر والأغنية بتازة
1221 المهرجان الوطني الثاني للثقافة والإبداع بتازة
1224 الأيام الثقافية والسياحية لمدينة دبدو
1224 المهرجان الوطني الثالث للثقافة والإبداع بتاونات
1225 المهرجان الوطني الرابع للثقافة والإبداع بالحسيمة
1228 الملتقى الوطني الأول للشعر والتشكيل بجرسيف
1229 تكريم محمد شهيد في الملتقى الوطني الثاني للشعر
والتشكيل بجرسيف
1229 المهرجان الوطني الثاني للإبداع النسائي بتازة
1222 مهرجان فاس الدولي الثامن للفنون التشكيلية –
فاس
- أطر العديد من الورشات الفنية لأطفال دار الشباب
ومراكز المعاقين والمدارس الابتدائية بتازة
:1222 فاز بالجائزة الأولى )شعر فصيح- شارك
بقصيدتين( في المهرجان الدولي السادس للشعر والزجل
بالدار البيضاء.
صحف ومجلات
- كتب في العديد من التجارب التشكيلية المغربية
في الصحف الوطنية والعربية
- كتبت في تجاربه الإبداعية صحف ومجلات
وطنية وعربية
- صمم العديد من أغلفة ال كتب الأدبية
تكريمات
- الملتقى الوطني الثالث للشعر والتشكيل بجرسيف
1222
- ملتقى تازة الدولي الأول للتنمية المحلية )دورة
محمد شهيد( 1222
- الأيام الثقافية من تنظيم معهد الفنون الجميلة
بتنسيق مع المديرية الإقليمية للثقافة 1212
- 1213 تكريم من طرف منشورات عبودة برانت