آسِرَةُ الوِجدان


                    اللوحة للفنانة سارة لعويني


____________

اُنظري...!
 كيفَ يَضْبِطُ نَبْضي أنْفاسَهُ
وِفْقَ عَبيرِ طُيوفِكِ في الأمْداءْ!
يا فاتِنَتي !
في الصَّحْوِ سَلي بالي
كَيفَ أَخَذْتِ حُضوري وخَيالي
في العِلْمِ وفي الحُلمِ
أغنيَتي أنْتِ
 في الحَربِ كما في السِّلْمِ
إنْ كُنتُ حَبيسَ الرُّؤْيَةِ في لجِّ عُيونِكِ
فَلأني أُحِبُّكِ
يا فاتِنَتي!
والحُبُّ عَميقٌ فينا
مهما طال التَّجافي.
في الرُّؤيا حَلَّفتُك بالنَّبْضِ سَلي أنْفاسَكِ
كَيْفَ تُدَوْزِنُ أَسْفاري في مَلكوتِكِ
 لِيَوقِّعَ هَمْسي حَفيفُ رُموشِكِ كلَّ مَساءْ
حَلَّفتُكِ بالحبِّ سَلي قَلبَكِ
كمْ يُشْقيني بُعدُكِ
كمْ خِبْتُ على بابِ السُّلْوانْ.
الحَربُ وِفاقٌ فينا
طَقْسٌ في الحُبِّ أَلِفْناهُ
اِندِلاعُ الزّهْرِ الأصْفَرِ يُعْلِنُ فِيَّ قُدومَ الأَنْواءْ
عَهْدٌ نَكْتُبُهُ بِمِدادِ الدَّمْعِ النَّابِعِ
 مِنْ أَعْماقِ الأَشْجانْ.
إِنْ كُنْتُ أغيرُ على باحَتِكِ
بِقَرنفُلِ عِشْقي الحَارِقِ مِثلَ طُيورِ النّارِ المَحمومَهْ
فَلِأَني أحيىٰ فيكِ 
يا فاتِنَتي!
والحُبُّ تغَلْغلَ فينا.
لا تَخافي!
غَمْرَةَ حَربي الهَمَجِيّهْ
إِنْ تَوارىٰ خَلْفَ السَّحابِ الضِّياءْ
ما دُمْنا نُكَحِّلُ
بِرمادِ الوِشاحْ
ما دُمنا نشرَب مِن كأسِ الأَفراحْ.
كَمْ مِنْ مَرَّۃٍ في مَوْقِدِنا
أحرَقْنا ذاك الوِشاحْ؟
 مُهْجَتي احتَرَقتْ ألْفَ مَرَّهْ
وذَرَرْتُ الرَّمادَ
كي يُبْعَثَ نَوْرَسُنا من هَباءْ.
للكُحْلِ رَحيقٌ يَرْشَحُ عِشْقاً في كلِّ بُكاءْ
يَهْمي نَحْوَ شِفاهِنا
نَرْشُفُهُ حَدَّ الوُجْد الآسر
كَمْ خابَ هُروبي مِنْ مَدِّ الهَذيانْ.
إنْ جِئتُكِ يوما مِنْ أقْصى الوُجْدِ
فَلِأَني شَيَّدْتُ لَكِ الحُبَّ
يا فاتِنتي!
شَيَّدْتُ صُروحاً فينا.
لا تخافي !
ما دُمْنا نَشتاقُ لِهَمْسِ الصُّبْحِ
نَرسم إِزْهارَ الجُرْحِ
الحُبُّ مَعاً يُحيينا
نايٌ بِالأَوصالِ
يَعْزِفُ أعْذَبَ فالزٍ
يُرْقِصُنا كَيْ يُفْنينا.
لا تخافي !
حتى وإنْ طالَ انتِظارُكِ
في الفَيافي
لِرُجوعِ رَبيعٍ
ما اعْتراكِ وُرودُهْ
لمّا سَرىٰ
ذاتَ رَبيعٍ
مِنْ أقاصي الحَنينْ
إذْ هَفا إِلَيكِ
هذا القلبُ
قَلْبي الحَزينْ
ربيعٌ ما وَثِقْتِ بِنَبْضِهِ
إذْ تَلَهَّيْتِ بِقَطْفِ الرّيحِ
وأنا كُنْتُ كما المَعْتوهِ أُناجيكِ
هَيْهاتَ!
ضاعَ منكِ نَشيدي
في ازدِحامِ الألوانْ
أَخْفىٰ عَنْكِ الوقتُ هَديرَ المَوْجِ
صُفْرةَ صَوتي
أَخْفىٰ بَسْمَةَ وَجْهي المُتْعَبِ
وَأَنا لا زِلْتُ أری وَجْهَكِ في كُلِّ غِيابْ
أرْقُبُ ثَغْرَكِ عَبْر زُجاجِ المَقصورةِ في كُلِّ يَبابْ
حَتّی حينَ ضَحِكْتِ  طَويلاً
لاحتِراقِ دِمائي الهَوْجاءْ
وانْتَشَيْتِ عَميقاً لِبُكائي
وَشَرِبْتِ أَنيني نَخْبَ سُرورْ
لَمْ يَخْبُ النَّبْضُ
يا مُلْهِمَتي!
والحُبُّ تَمادىٰ فينا
في لُجِّ التَّجافي
نَصْطَليهِ ضِراماً وعَناقيدَ
نَرقُصُ حَوْلَها
بِطُقوسِ السِّحْرِ الأَسْمرِ في أَعْماقِ قَبائِلنا
خَلْفَ نُجودِ وَواحاتِ الصحراءْ
خَلْفَ تِلالِ الكُثْبانْ
رَغْمَ جِبالِ الأَحزانْ
لا تَخافي!
سَيعودُكِ مِنّي نَبْضي كُلَّ مَساءْ
سَتزورُكِ في العِلمِ وفي الحُلمِ أَهازيجي
حَتَّى آخِر لحنٍ في الناي
 سَأظَلُّ أحِبُّكِ
يا فاتِنَتي!
والحُبُّ مُحيطٌ فينا
يا سَيِّدۃَ العِشقِ الآسرِ للْوِجدانْ !
عبد القَهّار الحَجّاري

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال