قطر لشذى الأقاصي


قَطْر لشذى الأَقاصي







عبد القَهّار الحَجّاري

لهديلِ نَشيدكِ في غَفْوَتي
سِحْرُ الحُلْمِ
      لَوْنُ تَقاسيمِ الغرامْ
لربيع النّجْوى في عَينيْكِ
                 سيمفونيّةٌ
                هجرتْ عَتباتِ الكلامْ
لحريقِ الوَجْدِ في شَفَتَيْكِ سلامٌ
                                          سلامٌ
                                                 ألفُ سلامْ
يا فاتنةَ الأعطافِ!
يا شذى عاصمةِ الإغواءْ!
فاتِنَتي مِنْ خَلْفِ مليونَ ستارٍ وحجابْ
مِنْ خَلْفِ سُهوبٍ وصُخورٍ ورُكامْ
من خلفِ فَيافي الدُّنيا وسلاسلِ كُلِّ تضاريسِ الأرضِ المكلومَةِ بل عبرَ الرّيحِ الشَّرقيّةِ حاملةِ الرَّملِ الدوّارِ الملغومةِ بالآه بكُلّ سهادٍ وملامْ
كيْفَ تسلَّلَ عطرُكِ نحْوَ سُكوني؟
ساحِرتي مِنْ خَلفِ تُخومِ مَجرّاتٍ لا تَعْرِفُ حُبّا
يا أبهى ساحرةٍ!
ها مَجنونُكِ يَحمِلُ قَطْراً مِنْ مُهْجَتِهِ لِشذاكِ السّاكنِ في وجدِ أقاصي الدُّنيا
حلّق مجنونُ شذاكِ
نحو جمالِ هواكِ
يعرُج مثلَ بُراقٍ نَحوَ الأَمداءْ
يجتازُ الأُفقَ المخَضَّبَ بالحناءْ
برمادٍ ضُمِّخَ شَجْواً بِصُنوفٍ شَتّی
                             تُخْفي قَمراً
تَأْسَرُهُ نارُ جَحافِل جُنْدٍ هَمَجيّهْ
يا جِنيةَ الأوصافِ!
يا قَمَرَ الحُبّ الوَضّاءْ!
جِنِيّةٌ تُؤْمنُ بالحُبّ الأبْهی ذو لَيَّنَ أَفْئدۃَ الصّخرِ
عطرُكِ يَجْذِبُني نحو قَناديلِكِ ذاتِ بريقٍ أشْهی
وعيونٍ أُبْحِرُ فيها
يا شَذى حُبي الغامرِ أنفاسُكِ في وَجْهي رغْم مَسافاتِ البُعدِ
لِشذاكِ قِياسٌ بملايينِ السنينَ الضَّوئيّهْ
للماردِ في القلبِ جُنونٌ شَحَذَ العزمَ على شَقِّ أُتونِ الليل أُسافرُ فيكِ بعيداً ضِدّ خُرافاتِ تُخومِ الكَوْنِ وعَبْر دُروبٍ لا حصرَ لها
يا فاتِنَتي !
ساحِرَتي بِبَيانِ العشقِ المبْهورِ بشاماتِ الهَمْس الممْهورِ بِعِطْرِ العِشْقِ المظْفور بِسحرِ الحُبّ المنْداحِ عَجيبا مِن شفتَيْكِ...
شفةٌ سُفلى كقرنفلةِ البُستانِ على خَدِّ الوردِ
تعزفُ في وتَر الرّوح وفي صَدْرِ غرامٍ لا نِدَّ لَهُ لَحْنَ شُروق الشّمسِ وأغْنيةً قُدّتْ مِنْ هَوَسي بِكِ أنثرُها بترانيمٍ وقُبَلْ..
بطقوسِ التّانْجو وبِفالْزٍ أخّاذٍ هِمْنا ورقَصْنا..
ورَكِبْتِ حِصاني صَهْوَتَهُ
وصَهَلْنا وَقْتَ أغاريدِ البُلْبُلِ في الغابِ فَطِرْنا بنبيذِ الكأسِ المتْرَعَةِ بِشَهْدِ النَّغْماتْ
من شَلاّلِ جَوانحِنا
نَسْقي جِذْرَ الزّهْر الفوّاحْ 
يكْفي القطرُ لملءِ القَدَحِ
قلتِ املأها  الآن وإلا صار العنقودُ عصيراً نَرْشُفُهُ
فاتِنَتي أنتِ شذى الوردِ
                       بَلْسَمَ قَلبي
وعِناقُكِ أشْرَع لي مِنْ حدائقَ سَعْدٍ ما يفْتحُ لي أنفاساً ورؤىً في الآفاقْ
يا فاتنتي!
ما ذنبُ جُنوني؟
ما جُرْمُ الليلِ السّاهرِ فيَّ
وقتَ سُكونِ الدُّنيا ؟
وقطاراتُ الليلِ تَخْطِفُني في جَوْفِ الحُلكةِ في أنفاقِ النَّفيِ إلى شَرْقي الجارفِ تَقْذِفُني خَلْفَ مَداراتِكِ نحوَ فيافي التيهِ وغُربةِ قلبي في زَمَنٍ كَحَّلَ برمادِ الخيمهْ...
  ما ذنبُ الأسحارِ والغسقِ؟
تحرِقُها نارُ زفيري؟  
ألهبْتِ شَراييني بالصَّحو وبالصَّبْواتْ
وشَرِبْنا من كأسٍ واحدةٍ لأعودَ مَعَ الرّيحِ إلى منفايَ لِيَسكُنَ قلبي لَجٌّ كصَبا يعزفُها نايٌ شرقيٌّ مكلومْ
كيفَ أتوبُ؟
يا سيدةَ العشقِ!
عنْ كلِّ تفاصيلِ الحُبِّ ولي نظرٌ فيه يَحمِلُهُ نحوَ مَدارجَ عشقِ الأسمى؟
نحوَ النُّبْل وَطُهْرِ الروحْ
الحُبُّ صلاةٌ وتراتيلُ إلهٍ يَنْزَعُ عَنّا الخَوْفَ ويَدْعونا لِعناقِ سلام أبدِيٍّ وحلولٍ بمداراتِ العِشْقِ الباقي كَيْ يُشْفي القلبَ المجْروحْ
لِقِطاراتِ اللَّيل نشيدٌ كزغاريدِ ريفيَّةٍ
حينَ أَحْمِلُ في راحَتي قَطْرا لشذىً بِأقاصي الدُّنيا رَغْمَ الأَنفاقِ ورغمَ التيهِ وغُربة سَفري في الأمْداءْ
ولها في الليلِ غناءٌ يَعْرضُ حُبّي كشريطِ نَعيمٍ يُبْهِجُني رغمَ مَسافاتِ الوَيْلِ وَعُنفِ الأَنواءْ

وجدة / المغرب

2 تعليقات

أحدث أقدم

نموذج الاتصال